المزالق التي تقع فيها الكيانات التجارية عند المطالبة بالتعويض عن الأضرار
نتناول في هذا المقال ، أهم الأخطاء والمزالق التي يقع فيها التجار عن مطالبتهم بالتعويض أمام المحاكم ، وهي مهمة لتحقيق أكبر قدر من التعويض الصحيح ، بعد اطراح ما لا يصح التعويض عنه ، وسيتم تناول كل فقرة في هذا المقال وفق الأمور التالية :
أولاً : بيان الخطأ في طلب التعويض.
ثانياً : بيان سببيته ومؤداه.
ثالثاً : بيان الحل والمخرج منه .
1) من أكبر الأخطاء في دعاوى التعويض عدم تحرير دعوى التعويض وفق أركان التعويض الثلاثة المعروفة وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما ، فيتقدم المتضرر بدعوى يطالب فيها بالتعويض بمبلغ معين من المال دون أن يحرر أركان التعويض ، فقد يحرر ركن الخطأ ، ولا يحرر ركني الضرر والعلاقة السببية بينهما .
سبب الوقوع في الخطأ : هو عدم استيعاب أركان التعويض ، وعدم اللجوء إلى محام متخصص لتحرير الدعوى بأكبر قدر ممكن يعود على المتضرر بالنفع الصحيح .
مؤدى هذا الخطأ : الحكم بصرف النظر عن الدعوى أو عدم قبولها شكلا ، فيترتب على المتضرر تكاليف قضائية كان يمكن أن يتفاداها لو حرر دعواه بشكل صحيح .
الحل والمخرج : هو أن يقوم الطرف المتضرر بتحرير دعواه وفق التالي : أـ أن يبين ركن الخطأ : فيذكر الأخطاء التي وقع فيها خصمه ويسردها سردا واضحا مع تقديم البينة والمستندات عليها ب ـ أن يبين ركن الضرر : فيسرد أمام المحكمة كافة الأضرار الفعلية التي وقعت عليه وتحرير قيمتها ، وتقديم البينة عليها ج ـ أن يبين للمحكمة العلاقة السببية بين الخطأ والضرر : فيتناول كل ضرر حرره أمام المحكمة ، ويحاول أن يثبت أن الأخطاء التي وقعت من الخصم هي من كانت سببا في حدوث الضرر وبذلك تكون دعوى التعويض محررة ومكتملة الأركان .
2 ) من الأخطاء التي تقع في دعاوى التعويض : المطالبة بتعويض أعلى من قيمة الضرر ، ومن الأمثلة على ذلك : أن يتقدم الكيان التجاري بدعوى تعويض ضد كيان آخر يطلب مبلغا قدره 500.000 ريال ، تعويضا عن مصاريف التقاضي في دعوى سابقة بينهما ـ تسمى نظاما بالدعوى الأصلية ـ حكم فيها للكيان الأول ضد الثاني ، ولكن تبين أن الكيان الأول لم يحتمل من الأضرار لتقديم الدعوى الأصلية إلا مبلغ 200.000 ريال فقط ، وهو قيمة ما دفعه للمحامي، فبالتالي يكون طلبه بالتعويض بمبلغ 500.000 ريال غير مقبول لكون قيمة الضرر لم تتجاوز مبلغ 200.000 ريال فقط .
سبب وقوع الخطأ : عدم استيعاب أن الحكم بالتعويض يكون بمقدار الضرر أو أقل منه حسب الأحوال ، وليس بأكثر منه .
مؤدى هذا الخطأ : أن يتم الحكم بقيمة الضرر الحقيقية ، دون ما زاد عليها ، مما يترتب عليه الحكم بجزء مما يطالب به المتضرر ويتحمل من التكاليف القضائية بالنسبة والتناسب لما تم الحكم به .
الحل والمخرج : أن يقوم المتضرر بالتأكد والتحقق من قيمة الضرر قبل تقديم دعوى التعويض.
3 ) من الأخطاء التي تقع في دعاوى التعويض : المطالبة بالتعويض عن أضرار لم تتحقق فيها العلاقة السببية بين الخطأ والضرر : فيتقدم المتضرر بأضرار لحقت به ولكنها أو بعضها لم يكن خطأ الخصم سببا فيها ، فبالتالي ترد دعواه كليا أو جزئيا لعدم تحقق ركن العلاقة السببية بين الخطأ والضرر ، ومن الأمثلة على ذلك : أن يتقدم المقاول بدعوى المطالبة بالتعويض عن أضرار في عقد مقاولة ضد الجهة مالكة المشروع يطالب فيها بالتعويض عن رواتب العمالة الذين تحت كفالته وإيجار سكنهم التي دفعها خلال فترة التعاقد في المشروع بينهما ، وذلك بسبب خطأ الجهة مالكة المشروع في تأخير مستحقات المقاول الثابتة له من أعمال المشروع ، فيكون الخطأ هنا : المماطلة من الجهة المالكة والتأخير في دفع مستحقات المقاول حيث لم تدفعها إلا بعد أربعة أشهر من استحقاق المقاول لها ،
والضرر : هو تحمل المقاول تكاليف عمالته من رواتب وإيجارات سكنهم لمدة أربعة أشهر هي نفس الفترة التي تأخرت فيها الجهة المالكة في السداد .
في هذه الواقعة : لا تتحمل الجهة المالكة الأضرار التي ذكرها المقاول لانتفاء العلاقة السببية بين الخطأ والضرر ، فلم يكن التأخير في سداد المستحقات سببا في دفع رواتب العمالة وإيجارات سكنهم ، لأن الرواتب والإيجارات للعمالة الذي تحت كفالة المقاول نظاما ، تدفع بشكل تلقائي سواء أكان هناك تأخير أو لا ، وسواء أكان هناك عمل قاموا به أم لا .
سبب وقوع الخطأ : عدم استيعاب حقيقة ارتباط السببية بين الخطأ والضرر .
مؤدى ذلك : رفض الدعوى كليا أو جزئيا .
الحل والمخرج : قبل تقديم الدعوى يتم استبعاد أي أضرار لم تكن الأخطاء من الخصم سبب وقوعها .
4 ) من الأخطاء التي تقع في دعاوى التعويض : عدم التحقق من ركن الخطأ قبل تقديم الدعوى : يلجأ المتضرر إلى المحاكم للمطالبة بالتعويض عن الضرر قبل التحقق من وقوع الخطأ من الخصم ، ومن الأمثلة على ذلك : مطالبة المؤجر للمستأجر بالتعويض عن أضرار لحقت بالعين المؤجرة كالسيارة التي وقع عليها جائحة عامة كالسيول أو الرياح القوية ، هناك لا يصح مطالبة المستأجر بالتعويض لأن يد المستأجر على السيارة يد أمانة لا يد ضمان .
سبب وقوع الخطأ : عدم التحقق من صدور الخطأ من المستأجر .
مؤدى ذلك : رفض الدعوى كليا .
الحل والمخرج : التحقق من الجهة التي وقع منها الخطأ ، وفي حال تعذر ذلك ، مطالبة شركة التأمين وفق العقد المبرم معها .
5 ) من الأخطاء التي تقع في دعاوى التعويض : أن يتفق الطرفان عند التعاقد المبدئي بينهما ، على آلية معينة للتعويض عند وقوع الضرر ، ثم بعد وقوعه يطالب المتضرر بالتعويض بخلاف الآلية المتفق عليها للتعويض عند وقوع الضرر ، من الأمثلة على ذلك : أن يتفق المقاول والجهة المالكة في عقد المقاولة المبرم بينهما على غرامة تأخير في حال تأخر المقاول في إنجاز الأعمال بنسبة 10% من قيمة العقد البالغ قدره 100.000 ريال ، ثم وقع الخطأ من المقاول بالتأخر في إنجاز الأعمال ، فوقعت أضرار على الجهة المالكة للمشروع تمثلت في مبالغ قدرها 50.000 ريال ، فتقدمت بدعوى تطلب فيها إلزام المقاول بالتعويض بنفس قيمة الأضرار التي لحقت بها وهو مبلغ قدره 50.000 ريال ، فهنا طلبها مقبول جزئيا إذ ليس لها إلا 10% من قيمة العقد ، أي ليس لها التعويض إلا بمبلغ 10.000 ريال فقط ، حتى لو تضررت بأكثر من ذلك ؛ لأن الطرفان اتفقا مسبقا على أن أقصى حد يمكن التعويض به هو 10% من قيمة العقد .
سبب وقوع الخطأ : اطراح ما تم الاتفاق عليه من آلية التعويض ، والعدول عنها بدون موجب شرعي أو نظامي .
مؤدى ذلك : الحكم بجزء من التعويض المدعى به ، ورفض ما زاد عليه .
الحل والمخرج : بأمرين : الأول : قبل التعاقد : يتم الاحتياط في التعويض بعدم الالتزام بآلية معينة للتعويض ، أو عمل دراسة جدوى لما يمكن أن يترتب من ضرر عند وقوع الأخطاء ، ثم عمل آلية التعويض بناء عليها ، والثاني : التحقق من العقد والاطلاع عليه ومراجعته قبل رفع الدعوى لئلا يترتب على ذلك رد الدعوى كليا أو جزئيا .
هذه مجمل الأخطاء التي تقع في دعاوى التعويض وقد بينا أسباب الوقوع فيها ،والمخرج منها
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
للمزيد من المعلومات وطلب الاستشارات القانونية يسعدنا تواصلكم معنا عبر الواتساب على الرقم : 0539999500